Pages

Monday, July 28, 2008

_ _ _ _ تعرفت على


تعلمت وتعرفت اختبرت وجربت قابلت وفارقت بكيت وضحكت ولازلت ، أفعال متعددة كل منها تحمل في طياتها قصة مختلفة أجمعها في كتاب يسمى "الخبرة" تحت فصل عنوانه البعثة . اخترت من هذا الفصل ما اندرج تحت الفعل " تعرفت" استثني منه ما هو متوقع " تعرفت على أمريكا وشعبها" وأكتب عن ما قد يكون مستغرب " تعرفت على السعودية ارضها ومختلف طبائع أهلها ".
أحد أهم وأجمل ما يميّز البعثة على وجه العموم وجامعتي على وجه الخصوص أنها تضم طلبة سعوديين من مختلف مناطق المملكة ، تنوع ساعد كل منا في فهم الآخر وتقبله بعد توضيح أو تعديل الصورة المطبوعة في ذهنه. نقاشات ولقاءات حصادها معلومات جعلتني أدرك أن السعودية أكبر بكثير من رؤيتي المحدودة لها في الحجاز وجده . فالرياض على سبيل المثال كانت في نظري عبارة عن برج الفيصلية والمملكة بالإضافة للسفارة الامريكية وشعبها أبعد ما يكون عن ثقافتنا الحجازية ولم أكن أعلم أن عدد كبير من أهالي الحجاز يسكنون الرياض والعكس وأنها تعد أكبر وأكثر ازدحاماً من جده. والقصيم كنت على يقين -لا أعلم مصدره- أنها مدينة تسمى القصيم وليست منطقة ! المضحك هو عندما أخبرت زميلاتي المبتعثات كنوع من الطرفة باكتشافي المتأخر هذا أتاني سؤال موحد منهن : "ليش هي مهي مدينة؟" ! الحمدلله لم أكن الجاهلة الوحيدة. بالمقابل كنت أظن أن الأحساء منطقة فقط وليست مدينة تسمى الأحساء وتنطق " الحسى" وأنها تعد أكبر واحة طبيعية بالعالم .
الدبكة شمالية والعرضة نجدية والسامري شرقية والمزمار حجازية . لم أكن أعرف تلك التصنيفات حسب مناطق المملكة باستثناء المزمار الحجازي بالطبع، والفضل يعود في معرفتي لليوم السعودي الذي كان كفيل بتعريف الأجنبي والسعودي " مثلي وشرواي" على ثقافات المملكة الفنية المختلفة.إلا أني وحتى الآن لم أعرف لأيٍ من مناطق المملكة تنتمي السامبا السعوديه!
لا أعلم بالضبط كم المسافة التي تفصل بين جده والجوف أو حائل مثلاً لكني ادركت مدى المسافة في اختلاف بعض عاداتنا خصوصاً فيما يتعلق بالزواج . ففي حين تنتشر ظاهرة الزواج عن حب في جده، أقابل زميلات لي مبتعثات تزوجن حديثاُ من مناطق أخرى فأسألهم بعيون يملئها الشغف لمعرفة القصة الرومانسية السعودية والتي تسمى يوم الشوفة أبدؤها بسؤالي الاعتيادي : كيف أول ماشفتيه؟ كيف أول ماشافك؟ لتكون الإجابة :شفته يوم الفرح أو يوم الملكة ! ، طيب إذا ماعجبك؟ ، عيب يطلب يشوفني ولو طلب كان أبوي رفض!
ومن زواج البنات لزواج الأباء ، تعجبت وأنا أرى أحدهم يفتخر بمساندة أبيه في زواجه الثاني أو الثالث من فتاة تعد في عمر ابنته! لكن مهلاً حتى أني بدأت ألاحظ أن الحب يختلف تبعاً للمناطق، أستمع لأغنية حجازية يقول: أحبك لو تحب غيري، وأستمع لأخرى يقول: والله لا وريك شي ما بعد شفته .
سئلت أحدهم: كيف فلان؟ تعرفه؟ ،لا ما أعرفه بس تراه شيعي، طيب وإذا شيعي؟! في البداية لأقل صراحه أني لم أكن أعلم بوجود هذا العدد الكبير من الشيعة في بلادنا حتى ابتعثت ومعهم تقابلت وتعاملت ولم أشعر أبداً بأن معلومة " شيعي" أحدثت فرق أو لربما على العكس يمكن القول أن الثلاثة الذي علمت بكونهم شيعة يتميزون بشيء مشترك هو أن معدلهم إمتياز ، أستغرب تهجم البعض عليهم وعلى كل سعودي لا يلتزم بما عهده في منزله فيجده يضحك مع الأجنبية ويكشر في وجه السعودية لانها غير محجبة ، وتجده يخالط ويصادق الملحد الهندوسي والبوذي ويأتي عند من يشاركه نفس المصحف وعن مصادقته يمتنع ويتوقف! تعرفت أننا سعوديين يجمعنا نفس الدين وإن كنا في المذاهب مختلفين، تعرفت أننا سعوديين لكل منا انتمائه الشامل للوطن والحميمي لمنطقته ومدينته وأفراد قبيلته ، تعرفت أننا سعودين لنا هوية مشتركة وأخرى تحمل ثقافة مختلفة باختلاف مناطقنا وعاداتنا وتراث أجدادنا . أدركت أن الوطن كبير وحمله على مليكنا أكبر فاللهم احفظ أبا متعب واجعل وطننا بنا يفخر.
-----
من مقالي بجريدة الوطن
 

Copyright © مدونـة لم تدقق املائياً. Template created by Volverene from Templates Block
WP by Simply WP | Solitaire Online